أدوات المستخدم

أدوات الموقع


ar:jeddah:2003-2008

اختلافات

عرض الاختلافات بين النسخة المختارة و النسخة الحالية من الصفحة.

رابط إلى هذه المقارنة

جانبي المراجعة السابقةالمراجعة السابقة
المراجعة التالية
المراجعة السابقة
ar:jeddah:2003-2008 [2022/09/18 15:43] – [لغز إقامتي الأولى (٢٠٠٣)] mansourar:jeddah:2003-2008 [2022/09/22 13:30] (حالي) – renvoi à texte psychanalyse mansour
سطر 7: سطر 7:
 سوف احاول تقديم بعض الاقتراحات الافتراضية للإجابة على السؤال الاول ثم توضيح تدريجيا الارتباط مع التاريخ الحديث لهذا البلاد. سوف احاول تقديم بعض الاقتراحات الافتراضية للإجابة على السؤال الاول ثم توضيح تدريجيا الارتباط مع التاريخ الحديث لهذا البلاد.
  
 +<WRAP round alsqr tip>
  
 +ماهي حكمة هذه القصة؟\\
 +أرجو من القارء أن يعتبر روايتي كحالة نموذجية لما هي "إيكولوجيا الذهن". حاول أن تلاحظ أن المجتمع ليس مادة جامدة بل هو ذهن فيتفاعل مع نشاط الباحث بطريقة استباقية. لكن منعني الإطار العلمي الكلاسيكي أن أفهم هذا الشيء لفترة طويلة فكنت أحمِّل زياد بأشياء لا أفهمها. هذه مسائل إبستمولوجيا أساسية تنكرها معظم البحوث الأجنبية ولا بد أن يأدي إلى كوارث.
 +</WRAP>
 ===== لغز إقامتي الأولى (٢٠٠٣) ===== ===== لغز إقامتي الأولى (٢٠٠٣) =====
  
 +[{{fr:comprendre:images:ziad:2003-ziad-mohammed.jpg?200 |زياد في ٢٠٠٣ مع محمد القباطي زمياه في الجامعة}}]
  
 زياد الخدشي هو رجل يمني من مواليد تعز عام ١٩٧٩ الذي التقيت به في بداية إقامتي الأولى في تعز سنة ٢٠٠٣ قبل تسعة عشر عام. وسريعا ما أصبح بيننا تفاهم فكري غير عادي بالنظر إلى مستواي المحدود في اللغة العربية. كان زياد في ذلك الصيف خريج جامعة تعز - كلية المحاسبة بامتياز وله كذلك تأثير وائتمان في الحارة التي تربى فيها. أما أنا قد درست الرياضيات والفيزياء لمدة ٤ سنين قبل التوجه إلى العلوم الاجتماعية فوجدنا ارضية مشتركة. فهم زياد منهج البحث ومنطقه التجريبي فحاول مرافقة العملية مع أقارب دفعته وحارته لكن لم تجر العملية كما يتوقعه. زياد الخدشي هو رجل يمني من مواليد تعز عام ١٩٧٩ الذي التقيت به في بداية إقامتي الأولى في تعز سنة ٢٠٠٣ قبل تسعة عشر عام. وسريعا ما أصبح بيننا تفاهم فكري غير عادي بالنظر إلى مستواي المحدود في اللغة العربية. كان زياد في ذلك الصيف خريج جامعة تعز - كلية المحاسبة بامتياز وله كذلك تأثير وائتمان في الحارة التي تربى فيها. أما أنا قد درست الرياضيات والفيزياء لمدة ٤ سنين قبل التوجه إلى العلوم الاجتماعية فوجدنا ارضية مشتركة. فهم زياد منهج البحث ومنطقه التجريبي فحاول مرافقة العملية مع أقارب دفعته وحارته لكن لم تجر العملية كما يتوقعه.
  
-[{{fr:comprendre:images:ziad:2003-ziad-mohammed.jpg?200 |زياد في ٢٠٠٣ مع محمد القباطي زمياه في الجامعة}}]+
  
 قبل وصف الانقلاب الذي حدث لازم وصف التوازن وتوزيع الأدوار التي كان بحثي يعتمد عليها. انا وزياد كنا نلتقي داخل حارته دائما لكن كان معي كثير من المحاورين الأخرين التقيت بهم عبر قسم اللغة الفرنسية والجامعة ومن ثم أصبح معي معارف في دكاكين الجولة جنب حارة زياد التي تسمى جولة حوض الأشرف. كانت العلاقة مع زياد تعتمد على نقاش فلسفي تجريدي لكن كنت حر وأستمع كما لهؤلاء المحاورين الذين يعطونني معلومات عن الواقع الاجتماعي تبدو موضوعية إلى حد كبير. وكان علي كباحث اجتماعي الاعتماد على النوعين وهي الملاحظات الواقعية والملاحظات التجريدية. فتدريجيا تكونت في رأسي تصورات عن المجتمع كنت أناقش صلاحيتها عند زياد. فزياد أصلا لا يتحدث عن الأشخاص لكن يتحدث في المستوى الفلسفي وعندما يريد الإيصال إلي فكرة معينة فيعتمد على أصحابه في الحارة الذين يمثلون عينة اجتماعية مثالية. قبل وصف الانقلاب الذي حدث لازم وصف التوازن وتوزيع الأدوار التي كان بحثي يعتمد عليها. انا وزياد كنا نلتقي داخل حارته دائما لكن كان معي كثير من المحاورين الأخرين التقيت بهم عبر قسم اللغة الفرنسية والجامعة ومن ثم أصبح معي معارف في دكاكين الجولة جنب حارة زياد التي تسمى جولة حوض الأشرف. كانت العلاقة مع زياد تعتمد على نقاش فلسفي تجريدي لكن كنت حر وأستمع كما لهؤلاء المحاورين الذين يعطونني معلومات عن الواقع الاجتماعي تبدو موضوعية إلى حد كبير. وكان علي كباحث اجتماعي الاعتماد على النوعين وهي الملاحظات الواقعية والملاحظات التجريدية. فتدريجيا تكونت في رأسي تصورات عن المجتمع كنت أناقش صلاحيتها عند زياد. فزياد أصلا لا يتحدث عن الأشخاص لكن يتحدث في المستوى الفلسفي وعندما يريد الإيصال إلي فكرة معينة فيعتمد على أصحابه في الحارة الذين يمثلون عينة اجتماعية مثالية.
  
 +
 +[{{:fr:comprendre:images:enquete:clivagerp.jpg?200 |الانقسام الإجتماعي في بحثي الأول}}]
 هذا النظام يتشكل "خوارزمية إثنوغرافية" كما نستطيع نسميه ويعطي نتائج دقيقة لأنه يسمح تعدد الرؤية واندماجها التدريجي إلى معرفة موحدة للمجتمع. طبعا كان أحيانا يبدو وجود مجتمعين في نفس المكان وهي مجتمع الدكاكين ومجتمع الحارة. فأما مجتمع الدكاكين هو مجتمع منفتح يميل إلى التعلم وإلى عدن عاصمة الجنوب. وأما مجتمع الحارة هو مجتمع محافظ يهتم بقيم الشرف والقبيلة ويميل إلى صنعاء عاصمة الشمال. واكتب ملاحظاتي كل يوم في دفتري وطبعا كنت اذكر هذا التنوع و الانقسام وأبدأ أتخيل العوامل التاريخية والإقتصادية التي أدت إلى هذا الوضع. لكن مع ذلك لا أصدق ان هناك حرب أهلية حقيقية بين تجار الدكاكين وأصحاب الحارة وأن خط المواجهة يمر بوسط الجولة… فأنا أعرف أنني إنسان أجنبي يعيش في ظروف اصطناعية فعلاقاتي في هذه البيئة غير علاقاتي في بيئة أخرى وبرغم ان الناس يتكلمون معي بسهولة لا أنسى أن لدي تحيزات معرفية… و تقدمت هكذا في اكتشاف المجتمع وسريعا ما تكونت في رأسي صورة معينة للمجتمع المحلي ونظامه. هذا النظام يتشكل "خوارزمية إثنوغرافية" كما نستطيع نسميه ويعطي نتائج دقيقة لأنه يسمح تعدد الرؤية واندماجها التدريجي إلى معرفة موحدة للمجتمع. طبعا كان أحيانا يبدو وجود مجتمعين في نفس المكان وهي مجتمع الدكاكين ومجتمع الحارة. فأما مجتمع الدكاكين هو مجتمع منفتح يميل إلى التعلم وإلى عدن عاصمة الجنوب. وأما مجتمع الحارة هو مجتمع محافظ يهتم بقيم الشرف والقبيلة ويميل إلى صنعاء عاصمة الشمال. واكتب ملاحظاتي كل يوم في دفتري وطبعا كنت اذكر هذا التنوع و الانقسام وأبدأ أتخيل العوامل التاريخية والإقتصادية التي أدت إلى هذا الوضع. لكن مع ذلك لا أصدق ان هناك حرب أهلية حقيقية بين تجار الدكاكين وأصحاب الحارة وأن خط المواجهة يمر بوسط الجولة… فأنا أعرف أنني إنسان أجنبي يعيش في ظروف اصطناعية فعلاقاتي في هذه البيئة غير علاقاتي في بيئة أخرى وبرغم ان الناس يتكلمون معي بسهولة لا أنسى أن لدي تحيزات معرفية… و تقدمت هكذا في اكتشاف المجتمع وسريعا ما تكونت في رأسي صورة معينة للمجتمع المحلي ونظامه.
  
-وهذا النظام للبحث كان يعطي دور أساسي لزياد وهذا الشيء معروف في منهجية البحث الميداني فكل باحث له حلفاءه في الميدان. على الباحث فقط ان يعترف بهذه علاقات و يحافظ عليها ويتصرف بإخلاص. لكن هذه المنهجية تركن كما على الباحث نفسه فعليه الاستسلام لأشخاص لا يعرف شيء عنهم ويعتمد فوق كل شيء على قلبه. وفي مرحلة معينة بدأ زياد أن يضيق وأنا بدأت أضيق كما وكنت أطلب منه مرارا وتكرارا أن يفسر لي ما الذي يدور لكن كان صامت. وهكذا وصلنا إلى يوم اتهمته أمام اصحاب الحارة فقلت "إنك لا تحترمني" وهذه الوقفة كانت لها عواقب متتالية أبعد من أي توقعات. فسريعا ما أصبح زياد شخصية منبوذة من الجميع والكل يتهم تصرفاته على أساس ان الزعيم هو طاغوت مستعبِد والشعب يريد اسقاط هذا النظام… وأصبح كل الناس يتفقون على رأي واحد ويمدحوني ويدللونني لكن لم أعد أفهم أي شيء عن نظام عذا المجتمع.+وهذا النظام للبحث كان يعطي دور أساسي لزياد وهذا الشيء معروف في منهجية البحث الميداني فكل باحث له حلفاءه في الميدان. على الباحث فقط ان يعترف بهذه علاقات و يحافظ عليها ويتصرف بإخلاص. لكن هذه المنهجية تركن كما على الباحث نفسه فعليه الاستسلام لأشخاص لا يعرف شيء عنهم ويعتمد فوق كل شيء على قلبه. وفي مرحلة معينة بدأ زياد أن يضيق وأنا بدأت أضيق كما وكنت أطلب منه مرارا وتكرارا أن يفسر لي ما الذي يدور لكن كان صامت. وهكذا وصلنا إلى يوم اتهمته أمام اصحاب الحارة فقلت "إنك لا تحترمني" وهذه الوقفة كانت لها عواقب متتالية أبعد من أي توقعات. فسريعا ما أصبح زياد شخصية منبوذة من الجميع والكل يتهم تصرفاته على أساس ان الزعيم هو طاغوت مستعبِد والشعب يريد اسقاط هذا النظام… وأصبح كل الناس يتفقون على رأي واحد ويمدحوني ويدللونني لكن لم أعد أفهم أي شيء عن نظام هذا المجتمع.
  
-وبعد مغامرات قليلة اختار زياد ان ينسحب إلى قريته وأصر على أن أبقى معه هناك لكن فضلت المثابرة في بحثي فعلي كتابة رسالة ماجيستر بعد عودتي ويبدو أن علي بناء بحثي كله من جديد بعد هذه الإزالة المفاجئة للإنقسام الاجتماعي. وإصراري في هذا الاتجاه في غياب زياد أدى إلى أحداث تراجيدي كوميدي فانطلقتُ إلى صنعاء بالأخير حيرة حتى أكثر.+وفي الأخير اختار زياد ان ينسحب إلى قريته وأصر على أن أبقى معه هناك لكن فضلت المثابرة في بحثي فعلي كتابة رسالة ماجيستر بعد عودتيوبعد إزالة الإنقسام الاجتماعي المفاجئة يبدو أن علي بناء بحثي كله من جديد. وإصراري في هذا الاتجاه في غياب زياد أدى إلى أحداث تراجيدي كوميدي فانطلقتُ إلى صنعاء بالأخير حيرة حتى أكثر.
  
  
 <WRAP centeralign > <WRAP centeralign >
 <wrap info> <wrap info>
-(انظر إلى نص "[[ar:jeddah:noeud|العقدة]]")+(إن لم تقرأوها بعد فعليكم إطلاع **[[ar:jeddah:noeud|عقدة]]** هذه قصة) 
 </wrap> </wrap>
    
سطر 32: سطر 40:
 ===== الصدمة النفسية (٦/٢٠٠٤) ===== ===== الصدمة النفسية (٦/٢٠٠٤) =====
  
-تم عرض وتحليل هذه قصة في رسالتي الأولى المكرسة لزياد عام ٢٠٠٤ تحت عنوان : "[[fr:comprendre:textes:academia:maitrise|الزعيم وإخوان الحارة. وصف إثنوغرافي للفراغ]]". في أطروحة الماجستير كنت أعبر عن اعجابي الشديد بزياد فقدمته كبطل أمام انقسامات وتناقضات مجتمعه التي يواجها بذكاءه وشرفه. لكن عندما كنت في تعز كانت علاقتي بزياد أكثر تعقيدًا وعاصفةً بكثير. نما إعجابي فقط خلال الكتابة وأنا أعيد قرأة وتحليل أحداث إقامتي على أساس ملاحظاتي الميدانية المجتمعة في دفاتري. قد تكون هذه الرسالة هي الأوضح من كل ماكتبته في العقد التالي برغم انني في ذلك الفترة المبكر لم اكن افهم اللهجة اليمنية وكان يفوتني تفاصيل كثيرة لكن النية والاتجاه العامة يقينة.+تم عرض وتحليل هذه القصة في رسالتي الأولى المكرسة لزياد عام ٢٠٠٤ تحت عنوان : "[[fr:comprendre:textes:academia:maitrise|الزعيم وإخوان الحارة. وصف إثنوغرافي للفراغ]]". في أطروحة الماجستير كنت أعبر عن اعجابي الشديد بزياد فقدمته كبطل أمام انقسامات وتناقضات مجتمعه التي يواجها بذكاءه وشرفه. لكن كانت علاقتي بزياد أكثر تعقيدًا وعاصفةً بكثير عندما كنت في تعز. نما إعجابي فقط خلال الكتابة وأنا أعيد قرأة وتحليل أحداث إقامتي على أساس ملاحظاتي الميدانية المجتمعة في دفاتري. قد تكون هذه الرسالة هي الأوضح من كل ماكتبته في العقد التالي برغم انني في ذلك الفترة المبكر لم اكن افهم اللهجة اليمنية وكان يفوتني تفاصيل كثيرة لكن النية والاتجاه العامة كانت يقينة.
  
-وبعد هذه الرسالة مباشرة بدأت حياتي تتفكك بتأثير وحي لم تأتيني من اهل السماء بل من أعماق جسدي. فبعد ما حطت القلم واستعدت للعودة إلى تعز بقلقٍ ما فتلقيت عيد غطاس علمني أنني مثلي الجنسية.\\ +وبعد هذه الرسالة مباشرة بدأت حياتي تتفكك بتأثير وحي لم تأتيني من اهل السماء بل من أعماق جسدي. فبعد ما حطت القلم واستعدت للعودة إلى تعز بقلقٍ ما فتلقيت عيد غطاس واعتنقتُ الهوية المثلية.\\ 
-<wrap lo>(لنكون أكثر دقة، كان الوحي أساسا عن أبي فاكتشفت أنه كان مثليا حتى وإن لم يدرك ذلك واكتشفت أنني مثله. كان أبي باحث فيزياء شغوف بعمله أكثر من أي شيء وتوفي من سرطان عام ١٩٩٩ وعمره واحد وخمسين عام وانصدمت كثير من هذا الأمرفانا أكتشفت في هذه الظروف ما هي المصدر الحقيقي لضعفي منذ وفاته فالآن سوف أعود إلى اليمن بدون خوف بعد أن اعترفت بهذا الشيءتبعا كانت كلمة (المثليةفي ذلك الزمان تمثل قمة الشرف والدهاء في نظري+<wrap lo>(لنكون أكثر دقة، كان الوحي أساسا عن أبي 
-</wrap>+ فاكتشفت أنه كان مثليا -حتى وإن لم يدرك ذلك…- واكتشفت أنني مثله. التفاصيل في النص: [[ar:jeddah:psychanalyse|ما وراء العقدة]] ).</wrap>\\ 
 + إكتشفت المصدر المحتمل لضعفي فقررت أن أعترف بهذا الشيء وأعود إلى تعز بدون خوف. طبعا كانت كلمة "المثليةفي نظري تمثل قمة الشرف والدهاء …
  
-ولو من الصعب تصديق ذلك فهذه هي الظروف التي قربتني تدريجياً إلى الإسلام. أنا عدت إلى تعز للسنة الثانية من الماجستير ثم لدكتوراة في الأنثروبولوجيا كان عنوانه دور الشهوانية المثلية في مجتمع الذكور اليمني. وكما ذكرته بالحين فإن تعز مجتمع متناقضة ولا أعتقد أن  سيهديني مقاربة اجتماعية إلا بهذه الطريقة الخلفية. لكن في هذه الصفحة نريد ان نتركز على تصرف زياد في ذلك الفترة.+ولو من الصعب تصديق ذلك فهذه هي الظروف التي قربتني تدريجياً إلى الإسلام. أنا عدت إلى تعز للسنة الثانية من الماجستير ثم لدكتوراة في الأنثروبولوجيا حول "دور الشهوانية المثلية في مجتمع الذكور اليمني". وكما ذكرته بالحين فإن تعز مجتمع متناقضة ولا أعتقد أن  سيهديني مقاربة اجتماعية إلا بهذه الطريقة الخلفية.
  
 [{{fr:comprendre:images:carrefour:2004-avec_abdelkafi.jpg?200 |مع عمال الجولة خلال بحثي الثاني في حوض الأشرف (٢٠٠٤).}}] [{{fr:comprendre:images:carrefour:2004-avec_abdelkafi.jpg?200 |مع عمال الجولة خلال بحثي الثاني في حوض الأشرف (٢٠٠٤).}}]
سطر 44: سطر 53:
 <WRAP center round alsqr tip > <WRAP center round alsqr tip >
  
-==== قراءة مسيحية بأثر رجعي : من العهد القديم إلى العهد الجديد ====+==== المسيحية كفرضية تفسيرية ====
  
-أنا من عائلة فرنسية مسيحية الأصل وعلمنية العقيدة منذ جيلين على الأقل ولم أتلقى أي تربية دينية إلا مشاهدة اللوحات في الكنائس والمتاحف. فكان هناك نسيج مسيحي وراء تحليل رسالتي الأولة الاجتماعية ولكن لم اكتشفه الا بعد دخولي الإسلام بسنوات كثيرة. كتبت رسالتي الأولى بدافع شعوري بالذنب بعد خيانتي لزياد في نهاية إقامتي وإن أعرف أن المجتمع لم يتركني خيار أخر. فصورتُ زياد على نموذج شخصية المسيح الذي صلبه يشهد على حقيقة رسالته. أنا لم أقرأ الإنجيل لكن نموذج المسيح فرض نفسه بغير وعي عبرالتحليل الاجتماعي. ومثل الحواريون بعد إنسحاب عيسى عليه السلام فكنت اعيد قراءة الأحداث مرارا وتكرارا وكان يبدوني انني فشلت في إخلاصي له بسبب قانونٍ سلوكٍ قديمٍ وضيقٍ. لهذا السبب في وقت العودة اعتنقت بقانونٍ جديدٍ يضمن رحمة الإله لأرواحنا الخاطئة ووعده بحياة جديدة على أنقاض العالم القديم.\\ + يبدو لي بعد فوات الاوان أن اعتناقي الهوية المثلية كان اكتشاف "تجريبي" للدين المسيحي ولو بغير وعي. واحتمال تأثر زياد بذلك حتى اعتنق العقيدة المسيحية في ما بعد. 
-بالطبع ، لم تكن هذه الصيغة اللاهوتية مقبولة عقليًا بالنسبة لي فكنت افتقد المفهوم الرئيسي وهو وجود الله. ومع ذلك كانت هذه الحقيقة أقوى في عيني، لأنني شعرت بها في النبض جسدي البيولوجي. هذا الذي كنت أسميه (المثلية).+ 
 +أنا من عائلة فرنسية مسيحية الأصل وعلمنية العقيدة منذ جيلين على الأقل ولم أتلقى أي تربية دينية إلا من خلال زيارات سياحية في الكنائس والمتاحف. فكان هناك نسيج مسيحي وراء تحليل رسالتي الأولة الاجتماعية ولكن لم اكتشفه الا بعد دخولي الإسلام بسنوات كثيرة. كتبت رسالتي الأولى بدافع شعوري بالذنب بعد خيانتي لزياد في نهاية إقامتي ولو لم يتركني المجتمع خيار أخر. فصورتُ زياد على نموذج شخصية المسيح الذي صلبه يشهد على حقيقة رسالته. أنا لم أقرأ الإنجيل لكن نموذج المسيح فرض نفسه بغير وعي عبرالتحليل الاجتماعي. ومثل الحواريون بعد إنسحاب عيسى عليه السلام فكنت اعيد قراءة الأحداث مرارا وتكرارا وكان يبدو لي أنني فشلتُ في إخلاصي له بسبب قانونٍ سلوكٍ قديمٍ وضيقٍ. لهذا السبب في وقت العودة اعتنقت بقانونٍ جديدٍ يضمن رحمة الإله لأرواحنا الخاطئة ووعده بحياة جديدة على أنقاض العالم القديم.\\ 
 +بالطبع ، لم تكن هذه الصيغة اللاهوتية مقبولة عقليًا بالنسبة لي فكنت افتقد المفهوم الرئيسي وهو وجود الله. ومع ذلك كانت هذه الحقيقة أقوى في عيني، لأنني شعرت بها في النبض جسدي البيولوجي. هذا الذي كنت أسميه "المثلية".
 </WRAP> </WRAP>
  
سطر 53: سطر 64:
 ===== اعتراف الخوخة (٣/٢٠٠٦) ===== ===== اعتراف الخوخة (٣/٢٠٠٦) =====
  
-كشفت سرّي لزياد بعد بضع السنين في أول شهر إقامتي الثالثة خلال رحلة صغيرة إلى منطقة الخوخة السياحية. فأجابني زياد : (قد كذبت الطبيعة أحيانا…فبهت فكان هذا الجواب خارج تماما عن إطاري الفلسفي والمفاهيمي.+//[تحليل الظروف التي أدت إلى اتخاذ "الشهوانية" كموضوع البحث.]// 
 + 
 +كشفت سرّي لزياد بعد بضع السنين في أول شهر إقامتي الثالثة خلال رحلة صغيرة إلى منطقة الخوخة السياحية. فأجابني زياد : "قد كذبت الطبيعة أحيانا…فبهتُّ فكان هذا الجواب خارج تماما عن إطاري الفلسفي والمفاهيمي. بالنسبة لنا الطبيعة لا تكذب أبدا…
  
 [{{fr:comprendre:images:ziad:2006-khokha.jpg?200 |أنا وزياد في منتزه سندباد في الخوخة (محمية ابوزهر) في شهر ٣/٢٠٠٦.}}] [{{fr:comprendre:images:ziad:2006-khokha.jpg?200 |أنا وزياد في منتزه سندباد في الخوخة (محمية ابوزهر) في شهر ٣/٢٠٠٦.}}]
 +==== مكانة زياد المستمرة في بحثي ====
 +
 +في عملي في ذلك الوقت، كان زياد مجرد شخصية واحدة من بين العديد من الشخصيات التي حللتُ مواقفهم الإجتماعية في إطار بحثي الثاني من الماجستير. لكن في الحقيقة كان زياد يحل مكانة خاصة وأنا في فرنسا فهو الضمير الشامل الذي ما زلت أكرس له عملي. وكنت أحيانا اكلمه في المنام وحلمي يدور حول وجودٍ جسديٍ له لا يمكنني تحديد موقعه.
 +
 +وتعترف منهجية الإثنوغرافية بالأوضاع من هذا النوع و - كما ذكرت أنفا - كل باحث له حلفاءه في الميدان وشروط لا بد من احترامها. وقد حاولت اتخاذ موقف أكثر موضوعي في بحث الماجستير الثاني لكن نبهتني مشرفتي الجديدة أنها غير مقتنعة بهذا الموقف العلمي المزعوم وتحليل إجتماعي مطل على الواقع. لذلك عندما عدتُ إلى تعز لإقامتي الثالثة كنت مصمم على العودة إلى زياد وعلى أن أسلِّم نفسي لنصيحته وإرشاده العلمي. بعد بحثي السابق على عمال وفقراء الجولة أردت كما تجنب التحيزات الإيديولوجية ضد النظام اليمني وتقدير وجهاء الحي الذين ينتمون كلهم لحزب المؤتمر.
  
-في عملي في ذلك الوقت، كان زياد مجرد شخصية واحدة من بين العديد من الشخصيات التي حللتُ مواقفهم الإجتماعية في إطار بحثي الثاني من الماجستير. لكن في الحقيقة كان زياد يحل مكانة خاصة فهو يعتبر الضمير الشامل الذي ما زلت أكرس له عملي وأنا في فرنسا. وكنت أحيانا اكلمه في المنام وحلمي يدور حول وجودٍ جسديٍ له لا يمكنني تحديد موقعه.+==== تدهور وضع زيادالإجتماعي ==== 
 +لكن عند وصولي في عام ٢٠٠٦ لقيت رجل منعزل وضعيف اجتماعيا لا يخرج من غرفته. قد توقف زياد عن العمل برغم زيارات المسؤولين والمديرين الذين يبحثون عن مؤهلاته الأسطورية كمراقب مالي. أصبح زياد يبرر نفسه بمبادئه ورفضه التعاون مع الفساد لكن يبين أنه فقد ثقة النفس وروح القتال الذي كان يتميز به بين أصدقاء دفعته. قد انقلبت عائلته ضده وأما حارته تنظر إلى وقفته باعتبارها تكبرا فتحكم عليه بقسوة. أصبح الأسد زياد مثل قط محاصر في مخبأه عيونه تدور بقلق في كل اتجاهات وصوته خشن من الصياح.
  
-وتعترف منهجية الإثنوغرافية بالأوضاع من هذا النوع و - كما ذكرت أنفا - كل باحث له حلفاءه في الميدان وشروط لا بد من احترامها. وقد نبهتني مشرفتي أنها لا توافق على الموقف الموضوعي المزعوم الذي حاولت اتخاذه في بحث الماجستير الثاني مع تحليل إجتماعي مطل على الواقع. لذلك عندما عدت ألى تعز لإقامتي الثالثة كنت مصمم على العودة إلى زياد وأسلم نفسي لنصيحته وسلطته دون تحيز أيديولوجي ضد النظام اليمني ووجهاء الحارة الذين ينتمون كلهم لحزب المؤتمر.+أخذتُ غرفة في الفندق لبعض الأيام ثم اقترحت على زياد أن أنتقل معه في غرفتهوهذا القرار قد يكون أكبر خطاء ارتكبته ولكن في ذلك الوقت لم أفهم الوضع كما أفهمه الآن.
  
-لكن الزياد الذي لقيته في عام ٢٠٠٦ شخصية منعزلة وضعيفة اجتماعيا قد وقف عن العمل ولا يخرج من غرفته برغم زيارات المسؤولين والمديرين الذين يدورون مؤهلاته الأسطورية كمراقب مالي. أصبح زياد يبرر نفسه بمبادئه ورفضه التعاون مع الفساد لكن الحقيقة أنه فقد ثقة النفس وروح القتال الذي كان الذي كان يميزه حسب أصدقاء دفعته. وقد انقلبت عائلة زياد ضده وأما الحارة يفسر وقفته كـتكبر ويحكم علىه بقسوة. فالزياد الذي التقيت به في عام ٢٠٠٦ مثل قط محاصر في مخبأه عيونه تدور بقلق في كل اتجاهات وصوته خشن من الصياح.+قد تحسن حالة زياد بسرعة لما انتقلت إلى عنده وبدأوا الجيران أن يمرون في الغرفة كما عملوا زمان. وبدأتُ التعرف على مسؤولي الحارة لم أتعرف عليهم من قبل وأقترب من أولاد القاضي وغيرهم من بيوت الناس. كانوا يبدأوا أن يثقوا بي والحواجز بيننا كانت تبدأ أن تتسقط.\\ 
 +وكانوا بعض الأشخاص مجهول الهاوية يأتون كل يوم من خارج الحارة ويجلسون عند زياد يقرأون صحيفتهم حتى وقت المغرب, لكنني كنت أحسبهم جيران فزياد لا يتكلم عن هذا فلم أتأثر بالضغوط. كنت أرى فقط أن زياد يعاني من مشكلة نفسية فيشعر بالإكتئاب ولا يخرج من غرفته ولا يتحرك.
  
-أخذتُ غرفة في الفندق لبعض الأيام ثم اقترحت على زياد أن أنتقل معه في غرفته. وهذا القرار قد يكون أكبر خطاء ارتكبته ولكن في ذلك الوقت لم أفهم الوضع كما أفهمه الآن. فانتقلت إلى عند زياد فبدأوا الجيران يمرون في الغرفة كما عملوا زمان فحالة زياد بدأت تتحسن بسرعةوبدأتُ التعرف على مسؤولي الحارة لم أتعرف عليهم من قبل واقترب من اولاد القاضي وغيرهم من بيوت الناس. كانوا يبدأوا أن يثقوا بي والحواجز بيننا كانت تبدأ ان تتسقط.\\ +لم أفهم الوضع كما أفهمه الآن، مرة أخرى. فكنت اتركز على زياد وكيف نعالج  مشكلته النفسي. بالكاد تخيلت أن هذه المسألات كلها مرتبطة - و حالة الباحث الغربي هكذا أصلا فيحدِّق إلى الواقع ولا يدرك مكانه فيها.\\ 
-وبعض الأشخاص مجهول الهاوية كانوا يأتون كل يوم من خارج الحارة ويجلسون عند زياد يقرأون صحيفتهم حتى وقت المغرب, لكنني كنت أحسبهم جيران فزياد لا يتكلم عن هذا فلم أتأثر بالضغوط. كنت أرى فقط أن زياد يعاني من مشكلة نفسية فيشعر بالإكتئاب ولا يخرج من غرفته ولا يتحركمرة أخرى، لم أفهم الوضع كما أفهمه الآن فكنت اتركز على زياد وكيف نعالج  مشكلته النفسي. واعترافي خلال رحلتنا إلى الخوخة عن اقتناعي بالمثلية لم يكون تحرش جنسي إطلاقا بل كان سواء إلقاء النظرة على هذه الإمكانية في إطار هذا النقاش. فأجابني زياد بأسلوب مؤدبة فقال : " لا أعتقد أنه الحق. ولو حصل يوم من الأيام أن أقتنع أنه الحق فممكن أعتمد هذه الممارسة… "+واعترافي عن اقتناعي بالمثلية خلال رحلتنا إلى الخوخة لم يكون تحرش جنسي إطلاقا بل كان سواء إلقاء النظرة على هذه الإمكانية في إطار هذا النقاش. فأجابني زياد بأسلوب مؤدبة فقال : "ولو حصل يوم من الأيام أن أقتنع أنه الحق فممكن أعتمد هذه الممارسة… لكن لا أعتقد أنه الحق."
  
  
سطر 70: سطر 90:
  
 كنتُ أشعر أن زياد يعاني من مشكلة جنسية ، وكان حدسي صحيحًا حتى ولو لم أفهم السبب. السبب الحقيقي أن في محيطه الإجتماعي كان الكثير ينتظرون ضمنيا أن يفرض هيمنته جنسياً مرة واحدة وإلى الأبد. كانوا يقرأون في قلبي دون ان يفقهون أفكاري أما زياد كان يتأثر من أفكاري وهو فقط لا يستطيع. ولكن أنا لا أستطيع تصور هذا الواقع إطلاقا.\\ كنتُ أشعر أن زياد يعاني من مشكلة جنسية ، وكان حدسي صحيحًا حتى ولو لم أفهم السبب. السبب الحقيقي أن في محيطه الإجتماعي كان الكثير ينتظرون ضمنيا أن يفرض هيمنته جنسياً مرة واحدة وإلى الأبد. كانوا يقرأون في قلبي دون ان يفقهون أفكاري أما زياد كان يتأثر من أفكاري وهو فقط لا يستطيع. ولكن أنا لا أستطيع تصور هذا الواقع إطلاقا.\\
-في ما بعد الاستعمار غالبًا ما يمثل اتقان العلوم الغربية وترويض مُلهماتها إمكانية للسفر إلى الغرب والاندماج في نظامه. وهكذا أصبح هذا الواقع من محرمات هذه الحقبة و نظام إبستيمولوجي يشمل هذه علوم والعلوم الإجتماعية خاصة. أنا أصبحت بوضوح أسير هذا النظام واليمنيون يتوقعون ان زياد يستفيد من الفرصة لكن هو لا يستطيع ولا يعرف يفسره…+وهذا هو حالنا في ما بعد الاستعمارغالبًا ما يمثل اتقان العلوم الغربية وترويض مُلهماتها إمكانية للسفر إلى الغرب والاندماج في نظامه. وهكذا أصبح هذا الواقع من محرمات هذه الحقبة و نظام إبستيمولوجي يشمل هذه العلوم والعلوم الإجتماعية خاصة. أنا أصبحت أسير هذا النظام وبعض اليمنيون يتوقعون ان زياد يستفيد من الفرصةلكن زياد لا يستطيع ولا يعرف يفسره… أو ممكن يرى بشاعة هذا النظام ويقفه مبادئه وأخلاقه العليا.
  
 [{{fr:comprendre:images:carrefour:asbur-moustache.jpg?200 |بعد أيام قليلة ، حلقت شاربي وأعدت إلى رفقة عمال الجولة.}}] [{{fr:comprendre:images:carrefour:asbur-moustache.jpg?200 |بعد أيام قليلة ، حلقت شاربي وأعدت إلى رفقة عمال الجولة.}}]
  
-لم أقدر أشك في إخلاص اليمنيين وحسن نيتهم إلي لكن كان واضح أن زياد معه مشكلة جنسية. حسب تحليلي في ذلك الوقت زياد ينتمي إلى بيئة إجتماعي تتميز بهاجس الهيمنة ليس موجود في البيئات الإجتماعية الأخرى وتقريبا جره هذا الهاجس إلى الجنون… فكان لا بد ان أشعر بالخيانة لما سأل زياد مني ان أخرج من غرفته في نهاية الشهر الأول. من وجهة نظري ، ألمح زياد إلى أن تصرفي معه لم يكن صحيحًا فلم يكن لديه سبب آخر أن يدفع زميله للمغادرة حسب الأعراف اليمنية.+أما أنا لم أقدر أشك في إخلاص اليمنيين وحسن نيتهم إلي لكن كان واضح أن زياد معه مشكلة جنسية. حسب تحليلي في ذلك الوقت زياد ينتمي إلى بيئة إجتماعي تتميز بهاجس الهيمنة ليس موجود في البيئات الإجتماعية الأخرى وتقريبا جره هذا الهاجس إلى الجنون… فكان لا بد ان أشعر بالخيانة في نهاية الشهر الأول لما سأل مني أن أخرج من غرفته. من وجهة نظري ، ألمح زياد إلى أن تصرفي معه لم يكن محترم فلم يكن لديه سبب آخر أن يدفع زميله للمغادرة حسب الأعراف اليمنية.
  
  
ar/jeddah/2003-2008.1663508586.txt.gz · آخر تعديل: 2022/09/18 15:43 بواسطة mansour

Donate Powered by PHP Valid HTML5 Valid CSS Driven by DokuWiki