أدوات المستخدم

أدوات الموقع


ar:accueil

هذه نسخة قديمة من الصفحة!


صفحة الترحيب مع روابط الترجمة الآلية
(في الوقت الحالي)

أو اقرأ الموقع في لغتها الأصلية الفرنسية :

٢٣/١١/٢٠٢٣

ما يربطني إلى أبو نبيل

كل باحث علم الإنسان (أنثروبولوجيا) تتراكم عليه ديون شخصية وديون مؤسسية في ميدان بحثه. ويتوزعا النوعان في الحقيقة حسب ديانة الباحث ونظريته للمجتمع.

فأنا عندما وصلت إلى تعز كنت أتصور أن هناك نظام سياسي لدى اليمنيون وهناك نظام فكري لدى الباحثون - أو نظام معرفي يسمى (إيبستيمولوجية)- وكنت أتصور عدم وجود علاقة بين الإثنين. وكنت أتصور أن هناك يمنيون مع النظام يؤمنون بالسلطة وهناك يمنيون ضد النظام يؤمنون بالمعرفة فكل واحد منهم يستغلني حسب نظامه ويمكنني كذلك أن أستخدمهم في بحثي فأستخدم الأول كنموذج وأستخدم الثاني كخبير يخبرني عن النموذج… لعل تتحسن معرفتي تدريجيا هكذا.

لكن اكتشفت في وقتٍ ما أن هذا البرنامج فيه خلل وأن النظامين نظام واحد. فإن الدول في عصر ما بعد الإستعمار عليها تنفيذ مفهوم خارجي إسمه (حق الشعوب في تقرير مصيرها) وإن أول وأهم مهمة لدى كل دولة هي تهيئة الظروف لاستقطاب النظر الخارجي فهي مفتاح شرعيتها الذي يشارك فيه معا النظام السياسي والنظام الثقافي. وغالبا ما للنظر الخارجي خلل إيبستيمولوجي إزدواجي يؤدي إلى نقطة عمياء يعرفها الطرف السياسي والطرف الثقافي فهناك بينهما تواطء ضمني يعتمد على هذا الخلل.

ومنعطف الربيع العربي حدث بعد اكتشافي ببضع سنين فإن اليمنيين قرروا جماعة أن يبنون نظامهم على الصواب وليس على النقطات العمياء لدى الأوروبيين. فسمح لي هذا البحث وهذا الإكتشاف أن أفهم معنى هذه الثورة وأحلل الوضع بتحليل صحيح. ولقد عبّرت عن هذا الرأي في ذلك الوقت عند المؤسسات فهذه مسؤوليتي وإن لم تحظ تحليلاتي بإهتمام المؤسسات وإن لم يقر اليمنيون ما أقوله فإني قد قمت بما علي أن أقوم به.

أما الديون فأنا مدين أولا لله تعالى الذي هدانا إلى الإسلام وهو النور التي كشفت عن غموض هذه الأوضاع. ومن ثم أنا مدين للمجتمع اليمني وللنظام السابق ولكل الأفراد الذين شاركوا في هذا البحث… ولكن هذه الديون أعتبرها كلها مؤسسية.
وقد يحمل الباحث ديون شخصية لمعاونينه المخبرين ويحمل ديون مؤسسية للسلطات ولكن كما قلت سابقا هذا لم يعد ديانتي وهذا البرنامج بالنسبة لي يُعتبر باطل. فلقد تغيّر المحاسبة اتجاه كل الأطراف التي تعاملتُ معهم بعد إعتناقي دين الإسلام في وقت إنسحابي من الميدان. فإن مشاهداتي وملاحظاتي جمعتها كلها في جاهليتي. وهناك من أعطى كثير وأكرم الضيف ولو جاهل ومن ثم فاجأهم إسلامي. وهناك من خسر كثير نتيجة عن هذا الجهل ولم يعوّض له إسلامي بشيء. وهذا لأن القصة تربطها النظام بأكماله وهو نظام يتكون من النظام السياسي السابق في اليمن وكذلك من نظام ايبستيمولوجي ما زال قائما في مجال علم الاجتماع. فأما النظام السابق هو ما كان يسمح للباحثين التجول في البلاد بحرية ليتآملون (الواقع الاجتماعي) كما يحسبونه وأما النظام الايبستيمولوجي هو ما يسمح للباحثين البقاء في جهلهم.

هذه الديون كلها أعيدها لله فليس لي القدرة أصلا أن أسدها إلا عبر المؤسسات والمؤسسات حاليا غير مهتمة. لقد حدث الكثير من الظلم في الفترة الأخيرة فمنهم من ظلمهم النظام ومنهم من ظلمهم الحرب ومنهم من ظلمهم المؤسسات والله شاهد على كل حال وهو أسرع الحاسبين. مسؤوليتي أنا هي فقط تقديم المعلومات حول هذهم الأشخاص الذين تعاملت معهم في الميدان تمهيدا لاحتمالية أن تتغير أراء المؤسسات في يوم من الأيام فتتحمل هذه الديون. هذا هو غرض هذا الموقع والأسماء كلها مذكورة فيه : زياد و نبيل ولطفي وخلدون ووضاح ومحمد علي و… هذه كلها ديون مؤسسية.

لكن يزيد غير. يزيد صاحب اليوم التالي.

يزيد في ايام بحثي لم يكن موجود في حوض الأشرف بل كان يلاقي لقمة العيش هنا وهناك في البلاد. كان يكتفي بالقليل ويعيش حياة مطمئنة عالما ان إخوانه موجودين عند المصائب. ثم يوم من الأيام فقد أمنه المادي وإطمئنانه بعد أن مات أخوه الكبير وراح أخوه الثاني إلى المصحة فوجد نفسه فجأة يحمل مسؤولية الوالدين مع أسرته وقد كان ولده نبيل في الطريق.

أما أنا في ذلك الوقت عشت كذلك منعطف كبير مع إعتناقي الإسلام فلا يفهمني الجامعة ولا الأقارب والأصحاب في فرنسا وأما المسلمون هناك لا يفهمون من أين أتيت. وقد فكرتُ في الإغتراب في اليمن فرجعت إلى تعز واستأجرت شقة في حارة أخرى قريب فندق الإخوة. وكنت أزور حارة يزيد من حين إلى حين حتى ولدت بيننا صداقة.

وطبعا كان هناك صلة بين قصتي وقصته فكانا أخويه الأكبر من الشخصيات البارزة في بحثي. لكن ما فات قد فات والله أعلم بهذه الصلة. يزيد لم يحملني أي مسؤولية ولم يحاول أن يستغل شعوري بالندم بالعكس شجعنا على أن أنظر إلى المستقبل وأثبت لي أن قصتي لها معنى أوساع. وشجعتني هذه العلاقة على أن أرجع إلى فرنسا وأواجه الجامعة كي لا تضيع دكتورتي وكان يزيد يدعمني معناويا بعد عودتي بالاتصالات المنتظمة. وصحيح أن بالاخير أصبح بيننا صراع لكن لم يكون سببه الجهل والنفاق بل كان سببه الجدية والإخلاص بعضنا لبعض وكان سببه النظام السابق. هذا كله حدث قبل دخول الثورة وهذا ما شجعني على أن ابقى في فرنسا واقاتل من أجل أفكاري حتى يجمعنا ظروف تسمح لنا التعايش مع بعض في إحترام. ولم تأتي بعد هذه الظروف لكن يزيد وأنا ما زلنا على اتصال وعايشين في عالم واحد. هذا هو اهم شيء وإن لم يجمعنا الله مع اليمنيين في هذه الدنيا فليجمعنا في الآخرة.

باختصار هناك فرق بين ما يربطني بزياد وما يربطني بيزيد. ما يربطني بزياد هو دين مؤسسي أطمح تنفيذها بإذن الله يوم من الأيام لكن لا احملها شخصيا. اما يزيد فتربطنا علاقة أخوة وتقدير متبادل ومودة بالرغم من البعد بين ظروف معيشتنا.
والمسلم لا بد أن يعطي المؤسسات حقها ويعطي العلاقات الشخصية حقها كذلك. ولا يُموِّل علاقته بمال المؤسسات والمؤسسات بماله الخاص. هذا هو الفساد الذي كان يحكم في اليمن سابقا وما زال يحكم حاليا في علم الاجتماع ولو لا يشعر الباحثون. وعلى المسلمين ان يحددوا كيفيات مشاركتهم في المؤسسات بضمير وإخلاص سواءا كانوا في الشمال او في الجنوب وفي الغرب أو الشرق. هذه المسؤولية التي كلفهم الله بها في هذه الدنيا وعدم تنفيذها يأدي إلى كوارث لا يعانوا منها المسلمون خاصة بل عامةً البشرية.

﴿ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ‎﴾‏

كانت هذه بعض الملاحظات وأهم شيء نتمنى التوفيق لنبيل ولشباب اليمن عامة. الله يجعل البركة في هذا المحل وكذلك في حوض الأشرف وفي أهل هذه الحارة أينما كانوا مقيمين حاليا. والله يجمعنا فيها.
تحياتي لكم جمعا. والسلام عليكم ورحمة الله.
منصور الفرنسي
٠٥/١٢/٢٠٢٣

الترجمات الجزئية:

ar/accueil.1701858423.txt.gz · آخر تعديل: 2023/12/06 11:27 بواسطة mansour

Donate Powered by PHP Valid HTML5 Valid CSS Driven by DokuWiki






This translation is older than the original page and might be outdated. See what has changed.