Table des matières

مقدمة نظرية

اقتراحي الرئيسي في عملي هو أن المأسات التي يمرون فيها اليمنيون وكثير من جاليات المسلمين في عدة أنحاء العالم مصدرها في العلوم الاجتماعية – يعني في سوء فهمها ونقص من الأخلاق في استخدامها والتعامل معها كمسلمين. فالعلوم الاجتماعية تعتبر الواجهة بين المجتمع الإسلامي والمجتمع الأوروبي, فهناك اختلافات انثروبولوجية شاسعة بين هذين المجتمعين والمفروض ان يكون فهم دقيق عن طبيعة هذا السطح البيني.

الاختلاف الأنثروبولوجي بين المجتمعين

ملاحظة أولية : هنا نتكلم عن المجتمع الإسلامي والمجتمع الأوروبي كفكرتين تجريديتين او أنواع مثالية وراء تنوع المجتمعات الحقيقية في التاريخ فهذا التمييز له فائدة لتفسير التاريخ ومسير الأحداث.

فالإختلاف الأهم بينهما تعود إلى دور الهيكل الاجتماعي في المجتمع. فالهيكل الإجتماعي في أوروبا هو مجموعة من التمثيلات يستخدمها المجتمع الأوروبي لتصوير وتفسير نفسه.

والعلوم الاجتماعية تقتنع بأن هذه التمثيلات هي علمية – وهذا بمعنى العلم الديكارتي والأثنينية النظرية.
و تقتنع ان هذا العلم تطبق في كل انحاء العالم في نفس الطريقة اما الوقع عكس ذلك. فالعلوم الاجتماعية أصبحت لغة مشتركة لكن وظيفة الهيكل الإجتماعي تختلف من مكان إلى مكان. والمجتمع الإسلامي لا يحتاج إلى هذه التمثيلات العقلانية ليصور نفسه ويعمل ويتفائل. فلما نتعامل مع هذه المجتمعات مع هذه المعتقدات فلا عجب ان يحدث ردود فعل غير متوقعة.

قانون إيبستمولوجي

هو اصلا قانون إيبستمولوجي قد درسها بشكل شامل الفكر السيبراني الذي تطور في منتصف القرن الماضي - و جريجوري بيتسون هو اهم ممثل هذا المنهج في الأنثروبولوجيا. فكلما تُفرض أداوات فكرية أثنينية على واقع موحد - كجسد او بيئة طبيعية او مجتمع فيه (عصبية) لاستخدام المصطلح الذي استخدمه ابن خلدون – فالنتائج لا بد أن تخرج من التنبؤات نبئتها النظرية الأثنينية.

وممكن نقول باختسار أن هناك اختلاف (معرفية) او (إيبستمولوجية) بين هذين المجتمعين يتعلق بخدمة الهيكل الإجتماعي وحالته الإيبستمولوجية.

الجذور التاريخية

واسباب هذا الوضع متعلقة بإختلافات في هياكل القرابة التي تدرسها الأنثروبولوجيون وتعود إلى فجر التاريخ القديم.

أما في تاريخنا فقد تترجمت هذه الإختلافات الأصلية في ثورات فكرية متعاكسة التجاهات أطبعت بصمتها في تاريخ الأديان وابرزها :

هذه الثورات الفكرية تعتبر تأسيس الانظمة السياسية والمعرفية وهي تفسر الاختلافات في مركزية الفكر العقلاني في المجتمعين.

ويبدو أن هذه الأساس الحضارية غرقت في النسيان مع صعود الحركات القومية ثم النضالات ضد الاستعمار وخاصة مع ١٩٤٥ وتأسيس نظام عالمي جديد يضمن من حيث المبدأ “حق الشعوب في تقرير مصيرهم”. وهذا ساهم بدون شك في جعل العلوم الاجتماعية لغة مشتركة. لكن كما قلنا على المسلمين وجميع الشعوب أن يحذروا من خصوصيات هذا الفكر اتجاه ثقافاتهم والآثار الغير متوقعة لاستخدامه على المدى الطويل.

منعطفات غير متوقعة

فمن بين المظاهر الغير متوقعة سوف نذكر مثلين فقط في تاريخنا الجماعي الحديث وفي قصتي الخاصة :

كان عمري ٢٣ و كانت الخطة حسب منهج الإنثوغرافيا الانعكاسية فعلي أن أهبط في تعز بجواز سفري وتصريح البحث من السلطات اليمنية ثم اندمج في المجتمع متمسكا بمصدقيتي الانعكاسية والتزامي الفكري من أجل المساوة ثم أحدد حلفائي في الميدان نظرا لمكانة تعز كعاصمة التعليم اليمنية. وهذه الخطة أدت إلى ظواهر اجتماعية غير متوقعة إطلاقا وصفتها بالتفاصيل في رسالتي الأولى تحت عنوان : "الزعيم وإخوان الحارة. وصف إثنوغرافي للفراغ".
إلا انها ادت كذلك إلى بعض التجارب زعزعت استقراري ولو لم اذكرها في نصوصي حتى مرور خمسة عشر عام.
العقدة

استقبال ورشة جدة